قصائد لنزار قباني
صفحة 1 من اصل 1
قصائد لنزار قباني
(( الرسم بالكلمات ))
لاتطلبي مني حساب حياتي
ان الحديث يطول مولاتي
كل العصور انا بها ..فكأنما
عمري ملايين من السنوات
تعبت من السفر الطويل حقائبي
وتعبت من خيلي ومن غزواتي
واليوم أجلس فوق سطح سفينتي
كاللص أبحث عن طريق نجاة
وأدير مفتاح الحريم..فلا أري
في الظل غير جماجم الاموات
اين السبايا؟ اين ماملكت يدي
اين البخور يضوع من حجراتي
اليوم تنتقم الخدود لنفسها
وترد لي الطعنات بالطعنات
مأساة هارون الرشيد مريرة
لو تدركين مرارة المأساة
أني كمصباح الطريق.. صديقتي
أبكي ,ولا أحد يري دمعاتي
الجنس..كان مسكنا جربته
لم ينه احزاني , ولا ازماتي
والحب .. اصبح كله متشابها
كتشابه الاوراق في الغابات
انا عاجز عن عشق اية نمله
او غيمة , عن عشق اي حصاة
مارست الف عبادة وعبادة
فوجدت أفضلها عبادة ذاتي
فمك المطيب..لايحل قضيتي
فقضيتي في دفتري ودواتي
كل الدروب أمامنا مسدودة
وخلاصنا في الرسم بالكلمات
*********************
(( أحبك ... وأقفل القوس ))
لا أستطيع أن أحبك أكثر . .
لقد كتبت بالخط الكوفي
على أسوار لاحمام
وأباريق النحاس الدمشقي
وقناديل السيدة زينب
وجوامع الآستانه
وقباب غرناطه
وعلى الصفحة الأولى من الانشاد .
وأقفلت القوس . . .
أنت عادة كتابية لا شفاء منها .
عادة احتلال ، وتملك ، واستيطان .
عادة فتح ، وفتك ، وبربرية .
أنت عادة مشرشة في لحم كلماتي .
فاما أن تسافري أنت . .
واما أن أسافر أنا . .
واما أن تسافر الكتابه . .
جمالك . .
يحرض ذاكرتي الثقافية .
ويكهرب لغتي . .
وأصابعي . .
وجسد الورقة البيضاء . .
جمالك . .
يشعل البروق في أثاث غرفتي
وشراشف سريري . .
ويربط أسلاك الرجوله
بيني وبين نون النسوه . .
وتاءات التأنيث . .
فكيف أتحاشاك يا امرأه . . .
حتى القبح اذا اقترب منك
يصبح جميلا . . .
أنت اللغة التي
يتغير عدد أحرفها ، كل يوم .
وتتغير جذورها . .
ومشتقاتها . .
وطريقة اعرابها . .
كل يوم . . .
أنت الكتابة السريه
التي لا يعرفها
الا الراسخون في العشق . .
أنت الكلام الذي يغير في كل لحظة
كلامه . . .
كل نهار ،
أتعلمك عن ظهر قلب .
أتعلم خرائط أنوثتك . .
وسيراميك خضرك . .
وموسيقى يديك . .
وجميع أسمائك الحسنى
عن ظهر قلب . . .
كل صباح أدرسك
كما أدرس تفاصيل الوردة..
ورقة.. ورقة..
تويجا.. تويجا..
وأذاكرك كما أذاكر
كونشيرتو البيانو لموزارت
أو قصيدة غزل
من العصر العباسي...
أيتها المرأة المعجونة بأنوثتها
كفطيرة العسل.
والمعجونة بدم قصائدي
ودم شهواتي.
يا امرأة الدهشة المستمرة
يا التي بداياتها تلغي نهاياتها
وأولها يلغي آخرها..
وشفتها السفلى..
تأكل شفتها العليا..
أيتها المرأة
التي تتركني معلقا
بين الهاوية و الهاوية..
أيتها المرأة – المأزق
أيتها المرأة – الدراما
أيتها المرأة – الجنون
أخاف أن أحبك..
***********************
(( لا تاريخ قبل عينيكي ))
عندما كنت أسكن في جنيف
لم تكن تبهرني الساعات السويسرية
المطعمة بالحجارة الكريمة.
ولم أكن معجبا باللافتات التي تقول:
(( نحن نصنع الزمن )).
متى يعرف صانعو الساعات، يا حبيبتي
أن عينيك وحدهما
هما اللتان تصنعان الوقت
وترسمان خرائط الزمن؟..
عندما كنت أذهب الى موعدك
في لندن ،
أو في باريس ،
أو في البندقية ،
أو على شواطىء البحر الكاريبي.
لم يكن للوقت شكل..
ولا للايام أسماء..
ولا للتاريخ تاريخ..
كان التاريخ مجرد ورقة بيضاء
تكتبين فيها أي كلام تشائين..
في الوقت الذي تشائين..
عندما كنت ألبس معطف المطر
وألبسك تحت معطف المطر..
كان الوقت يتشكل على مقاييس أنوثتك.
فمرة ، يأخذ شكل قدميك الصغيرتين..
ومرة ، شكل أصابعك المشغولة بالدانتيلا..
ومرة ، شكل خواتمك..
ومرة ، شكل حلقك الاسباني..
ومرة ، يأخذ شكل دهشتي
وحجم جنوني...
قبل أن تصبحي حبيبتي
كان هناك أكثر من تقويم
لحساب الزمن..
كان للهنود تقويمهم.
وللصينيين تقويمهم.
وللفرس تقويمهم.
وللمصريين تقويمهم.
بعد أن صرت حبيبتي..
صار الناس يقولون:
السنة الالف ( قبل ) عينيها..
والقرن العاشر
( بعد ) عينيها!!.
لا يهمني
أن أعرف ما هي الساعة في نيويورك
ولا ما هي الساعة في طوكيو
أو في تايلاند.
أو في طاشقند.
أو في جزر الكناري.
فعندما أكون معك..
ينعجن الزمن ببعضه
وينعجن صلصالي
بحرارة مناطقك الاستوائية..
لا أريد
أن أعرف شيئا عن تاريخ ولادتك،
ولا عن مكان ولادتك ،
ولا عن تفاصيل طفولتك..
ومراهقتك..
فأنت امرأة من فصيلة الورود
وأنا لا أسمح لنفسي
بالتدخل في حياة وردة...
علمتني شتاءات لندن
أن أحب مشتقات اللون الأصفر.
وأن أتحمس لشحوبك الجميل..
وهدوئك الجميل..
ودشداشتك المغربية السوداء..
وعينيكا المسكونتين
بأسئلة الشعر...
في شتاءات لندن
يصير صوتك رماديا..
وكلامي رماديا..
وبريد الحب رماديا...
لماذا؟
اذا التصقت يداي بيديك
يوم الأحد.
تقرع على الفور
أجراس جميع الكنائس في العالم؟؟
لا يمكن توقيتك..
أو تعريفك..
أو تصنيفك..
أو تصويرك كباقي النساء
أنت فراشة خرافية
تطير خارج الازمنة...
كل الساعات الثمينة
التي اقتنيتها قبل أن أحبك
توقفت عن العمل
ولم يبق في يدي
الا ساعة حبك!!.
***********************
(( الى امرأة كانت حبيبتي ))
إنكسر إناء السيراميك الأزرق
الذي كنا نحتفظ به .
وانكسر معه شيء في داخلنا
لا يمكن إلصاقه .
فإنا أعرف ،
وأنت تعرفين ،
أن الأوان الجميلة
لا يمكن إلصاقها .
شاخت كلمات الحب . . يا سيدتي
شاخت الألف .
وشاخت الحاء .
وشاخت الباء .
فقدت تاءات التأنيث بكارتها
ولم تعد نون النسوه
تدر حليبا !! . .
كل شيء . .
تساقط كالورق اليابس
على أرض مخيلتي .
كل خواتمك .
كل مكاحلك .
كل قبعاتك الصيفية .
كل صراعاتك الهيبية .
تحولت الى فتافيت خبز
أكلتها العصافير . . .
أخبريني ، يا سيدتي
ماذا يفعل العاشق بزجاج القلب
حين ينكسر ؟
وبالشهوة حين لا تشتهي ؟
وبالصراخ حين لا يصرخ ؟
وبالعشق حين لا يعشق ؟
نحن مختلفان في كل شيء .
أنت متمسكة بموسيقى خلاخيلك . .
وأنا متمسك بموسيقى حريتي .
أنت من حزب الوسط . .
وأنا من حزب المجانين . .
أنت مقيمى في النصوص . .
وأنا مهاجر منها . .
أنت ملتزمة بسلطة القبيلة . .
وأنا ضد جميع السلطات . . .
أنت جزء من التاريخ . .
وأنا لا تاريخ لي . . .
يا التي كنت تملأين الدنيا
وتشغلين الناس .
ماذا فعل بك الزمان ؟
ماذا فعلت بنفسك ؟
كيف تحولت من بطلة شهيرة
الى فتاة كومبارس ؟
ومن رواية كلاسيكية عظيمة . .
الى مقالة صحيفة ؟
ومن عمل تشكيلي
الىالعمل لا شكل له ؟ .
ومن امرأة تشعل الحرائق
الى امرأة تحت الصفر . . .
أيتها الفينيقية . .
التي تاجرت بكل شيء . . .
وخسرت كل شيء . .
لماذا لا تعترفين ؟
بأن ثوارتك كلها
كانت من ورق . . .
ومراكبك كلها
كانت مصنوعة من ورق . . .
إختلفت طموحاتنا ، ياسيدتي
فأنا ذاهب الى يسار القصيدة . .
وأنت ذاهبة الى يمينها . . .
أنا ذاهب بإتجاه البحر . .
وأنت ذاهبة بإتجاه الجاهلية . .
أنا أبحث عن حجر الفلاسفة . .
وأنت تبحثين عن أحجار الزمردة والياقوت . .
أنا أبحث عن عناوين الريح . . .
وأنت تبحثين عن باب المحكمة الشرعية ! ! . .
ماذا حدث يا امرأة ؟
كيف تحولت من امرأة رافضة
الى ثورة مضاد للثورة ؟
ومن فرس متمردة . .
الى سجادة في قصر أبي لهب ؟ ؟
قضي الأمر . . .
قضي الأمر . . يا سيدتي .
فلم يعد بوسعك أن ترممي
إناء السيراميك الأزرق . .
ولم يعد بوسعك . .
أن تعيدي عقارب الحب الى الوراء . .
ولا أن تعيدني معك الى الوراء . . .
فأنا مجنون من مجانين الحرية . .
وأنت الزوجة الواحدة بعد الألف
من زوجات شهريار ! ! . . .
**********************
أتمنى ان تعجبكم .... وما انحركم من ردودكم .....
[تحميل]
صفحة 1 من اصل 1
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى